dimanche 24 novembre 2013

ثمار الكرز

المكان... لا يهمّ المكان فكثيرة هي الأمكنة متشابهة ... قصيرة هي الذاكرة منذ لفظتك.. والزمان، لم تعد تتذكره فقصصها مع رجالها بعدك أنت كثيرة، متداخلة، متزامنة، مقرفة، متعفّنة بفعل التتالي أحيانا.. لكنك تعرف جيدا عبق رائحة نهديها إذا ما تذوقتَ حلمتيها الثائرتين واحتك انفُك بملمس الحرير الناصع..

حتى لا يقتلك فضولك المرضيّ، حتى يحترق وجدانك غيظا، حتى تموت حسرة، حتى يأخذك إلى قدميها الحنين، إليك بعض المعطيات الخاصة بالإطار..يومها لم تكن في منزل أحد الكلاب المسعورة ولم تكن في ركنها الركين الأحمر.. كانت في إحدى نزل المدن الأوروبية الغربية.. كعادتها لا تجلس على ما خُصّص للجلوس من كراسي وأسرة وبساط... كانت جالسة على ظهر المكتب قرب كأس بلوري زانه مشروب نسائي أخضر، تلهو بخصلات شعرها وتلاعب بأطرافها ما قذفه ثوب النوم الأسود الحريري من نهديها... تؤرجح رجليها وتستأنس بمشروبها وبسجائرها وتفكر.. في شيء ما..

قفزت من الطاولة واتجهت نحو هاتف الغرفة تطلب من رجل الاستقبال أن يجهزوا لها غرفة الاستحمام... قدمت إحدى العاملات الأسيويات وملأت حوض الاستحمام وزينته بالورود ثم انصرفت دون أن تشكرها..

اقتربت من الحوض تراقب بخار الماء الساخن الصادر منه، جلست على ركبتيها واتكأ رأسها على الحاشية.. غمست يدها في الماء وأخذت تلهو بالورود التي طفت على السطح فبدت يدها كسمكة بيضاء مرصعة بشيء من الأحمر القاني في "اكواريوم" بريطاني... 

عادت إلى الغرفة تبحث عن رقم الرجل الذي التقته ليلة أمس بحانة النزل وكتبت له رسالة قصيرة "أنا في حوض الاستحمام غرفة 546.. استجمع فحولتك وتعال، الباب مفتوح كرجليّ". لم تشكّ لحظة واحدة في عدم قدومه. ألقت الهاتف على الفراش وعادت إلى غرفة الاستحمام.

لم تنزع ثيابها.. انسدلت في الماء كما ينسدل الحرير على ليونة جسدها.. أغطست كل جسدها ووجهها فتدلّت خصلات شعرها على سطح الماء وعانقت الزهور.. وقبل أن تشعر بالاختناق، أشرق وجهها كعروس البحر التي تخرج باسمة من عمق المحيطات.. أخذت تلهو ثانية بالورود وبحبيبات الماء المنسدلة على ذراعيها إلى أن طُرق الباب..

ناداها الرجل باسمها فلم تجبه وأطلقت ضحكتها الماجنة المعتادة.. ابتسم الرجل واقترب من الحوض فلم تنظر اليه وأبقت عينيها مغمضتين ورأسها متكئ إلى الخلف على حاشية الحوض.. جلس على حاشية الحوض الجانبية يتأمل حلمتيها البارزتين من تحت ثوبها الحريري المبلل.. تناول زهرتين بيضاوين ووشّح بهما حلمتيها.. فتحت عينيها وأمسكت بيده واستقامت وسط الحوض...

وضعت يديه على خصرها، ضغطت عليهما وتلوّت داخلهما كدخان هشيم يتصاعد في خيوط لولبيّة غير منتظمة ليعانق غيوم السماء قبل أن تمطر..تركته مسحورا وربما مذعورا وهو الذي يعانق شيئا كالسراب.. كعروس الطين.. كثقل الرأس حينما يخامرها الإحساس بالإغماء بعد ليلة ماجنة.. تركته ينحت خصرها وراح فمها المبتل ماءً واحمر شفاه مبعثر يتجاوز حدود شفتيها الممتلئتين فما زادهما إلا إغراء.. راح ثغرها باحثا على شهد الرضاب مستعينا في ذلك بنظرة جريئة حدّ التوحش لم تعرف يوما ما يسمونه اصطلاحا بـ"الحياء".. لم تنزل عينيها الثاقبتين من عينيه الذائبتين ولم تتوقف حركات خصرها بين يديه.. أمسكت بربطة عنقه الرمادية وجذبته إليها بكل ما أوتيت من قوة، فانتفضت حبيبات الماء من شعرها ومن ثوبها الشفاف تاركة رقعا صغيرة مبعثرة على بساط الحمام.. أوثقت شدّ ربطة العنف وقضمت شفتيه الساخنتين دون سابق إشعار ولا تقبيل، فأمسك شفتها السفلى بأسنانه الأمامية.. اقتربت نهديها من صدره فابتل قميصه الأزرق وشعر بقشعريرة صغيرة سرعان ما كبُرت حين انتقلت شفتيها إلى أسفل أذنه اليمنى لتقضم  رقبته السمراء وتتركها موشّحة بالحمرة...

سمعت أنين الرجل يسترسل في أذنها ليضحو إيقاعا بطيئا لذيذا لحركات خصرها.. لم تنزل عينيها من عينيه، فقط نزلت يديها باحثتين على أزرار القميص... تزامن فتح كل زرّ مع حركة متلويّة من خصرها.. كلما تلوى ذلك الخصر تحرّكت نهديها مبشرّتين بانتفاضة قريبة على قمعها لهما.. وكلما تحرّكا ارتفعت قشعريرة الرجل...

نزع قميصه وألقاه أرضا وعاد ليمسك بأطراف ثوبها القصير ويحطّ رحال يديه على أردافها.. قال لها بلغته الانكليزية المتواضعة جدا "هل أنت أسطورة؟".. أمسكت بذقنه واقتربت من فمه لتجيب "لا، أنا أنثى".. استدارت إلى الخلف وأبقت على حركات خصرها رتيبة متأنيّة مغرية.. أمسكت بمرشّ الماء وتدفق على شعرها أنهارا سوداء والتصق الثوب أكثر وأكثر بجسدها اليقظ.. نزع الرجل بقية ثيابه متعجلا كمن يلحق السراب.. استهواه عدم اكتراثها به وانصرافها إلى تدليك نهديها تحت الماء الساخن... دخل إلى حوض الاستحمام، امسك بكتفيها وقبل ظهرها، لم تستدر له.. تعرف جيدا كم كانت تعشق مداعبة ظهرها... ذكي هذا الرجل... انسدلت يده على كامل عمودها الفقري بادي المعالم من تحت القميص المبلل، فشعرت برغبة كبيرة تجتاحها.. استدارت والتصقت بالحائط وحدقت النظر في الرجل... أنزل عينيه يتأمل حلمتيها وقد اشتدّتا رغبة وشهوة، فأمسكت بنهديها وفاجأته بتمزيق القميص... انقضّ على نهديها وقد انعتقتا من سجن القميص.. أعاد إليها ما استمتع به من قضمات وقبلات متوحشة.. قضم حلمتها فأحست بألم لذيذ استحثّ رغبتها في الصراخ... 

أبعدته عنها وأشارت له بالجلوس داخل الماء وبعدم الاقتراب.. ثم جلست على حاشية الحوض ثانية ورفعت رجلها اليسرى على فخذ الرجل الممدّد وسط ما تبقى من الزهور... أخذت تسدل الماء على بطنها وتفتح رجليها أكثر وأكثر... رمقها بأعين مفترسة وتوسّل لها القضيب المنتصب فوق الماء وأغرتها حمرته فداعبته برجلها محدّقة بالرجل قامعة لكل محاولاته في لمسها.. انهمر الماء على بظرها الوردي الفاقع الذي سرعان ما اكتملت معامله تحت دغدغة المياه، فأسلمت أمره للرجل المقموع..

حُرّر الرجل ! سارع بالجلوس على ركبتيه فسارعت بوضع رجلها على كتفه مهيّأة له الطريق إلى ألذ غلال الخلد.. "اعشق الكرز" هذا ما قاله لها قبل أن يعوّم صوته صراخها وفحيحها وسط رجع الصدى في غرفة الاستحمام... سحبت رجليها وأخرجته مهرولة من الحوض.. قفزت على طاولة المكتب من جديد فابتلت مطويات النزل ماءً وعرقا ثم... لذّة ذكرية صندليّة مختلطة ببرهان عسل أنثوي نادر لا يعلمه إلا البارعون... في ثمار "الكرز"..

dimanche 6 octobre 2013

"تعالى لأتناولك كحبة أسبرين وأنام.."


أقفلت قارورة مزين الاظافر الصغيرة حمراء اللون باعتناء وتصفحت اصابعها بعيني "نرسيس"...

تناولت علبة السجائر وأخرجت منها السيجارة الأمريكية قبل الاخيرة برفق حتى لا يفسد الملون الذي لم يجف بعد..

شغلت الة التسجيل واختارت لأمسيتها الهادئة على غير عادة اغنية "الساحرة"

لفّت حول نفسها لفتين او ثلاث مرددة اكثر كلمات الاغنية استجابة لهرموناتها " فاني سأقتلك... فإني سأقتلك... فإني سأقتلك اليوم حبا" غير عابئة بالنشاز الذي احدثته وبالشريط الذي مازال لم يبعث صوت "عليّة" بعد

اصطمت بدرج مفتوح منذ أمد فسخرت من نفسها وأطلقت قهقهة مفتعلة، في الواقع مرضية عصبية، لكن رجالها الاغبياء الكثّر كثيرا ما احبوها.. وتخلّصت من حذائها الاحمر الصيفي وقذفته جانبا منتبهة ومصرة على عدم التعويل على يديها حتى يجف ذاك الاحمر "القاتل" 

 جلست على حاشية الشباك المطلّة على هذا الشارع الغريب تدخّن وتلهو برسم دوائر وخيوط متداخلة من دخان سيجارتها المنبعث من شفتيها الملونتين..
 تحدّق في ذاك الاحمر الشيطاني المتصدّر على اصابعها وتنظر الى المارة من الطابق العاشر فينتابها ضرب من التألّه..
وكأنهم عبيد يأتمرون بأمرها تحت عرشها الذي اختارت له من الالوان احمر جهنمي...

فأخذت تأمر ذاك الاحدب مُسرع الخطى بالتأنّي لعدم ازعاج الملكة بخطاه المتعجّلة
واستشاطت غضبا من تلك المراهقة التي تمسك بيد حبيبها بينما تتربع آلهتها على العرش وحيدة..
وانتابتها رغبة في.. في قتلهم جميعا خدشا بالاضافر الحمراء...

استعادت شيئا من رشدها فكفّت عن الهراء ونزلت من عليّها لتستلقي على ظهرها ارضا كعادتها، فهي تعشق ان يلامس لحمها الساخن دائما برد الارضية القارس... تعشق احداث تفاعلات لجسدها..

رفعت رجليها على حافة السرير وأخذت تداعب بأصابع رجلها اليسرى فخذها الايمن الذي تخلّص من ثقل الفستان الزهري حالما استقامت ساقيها..

كذلك هي نرجسية متعريّة تعشق الحديث الى جسدها ولا تحبذ الملابس كثيرا...

نظرت مجددا الى الاحمر القاني الجاف وتذكرت كيف فاجأها ذلك الغريب بـ "هل سبق وأن قيل لك أن أصابعك جميلة جدا؟".. 

تذكرت كيف لم ينتظر منها اجابة فقبّل أناملها وامسكت شفتاه الساخنتين بخنصرها الذي سبقها الى تذوق لعاب الغريب.. احدث فيها "تفاعلات" لذلك هي تذكرته.. كثيرون هم من يحدثون الحركات والسكنات الرتيبة.. نادرون هم من يحدثون التفاعلات

تذكرت الغريب وما يحدثه فيها من اضطراب غير معهود، خاصة اذا ما تعمد الجلوس قُبالتها فاتحا فخذيه مفسحا المجال لخيالها الولع الشاسع...

تذكرت دفئ يديه الذكوريتين وحالة الشبق المكتوم التي يحدثها فيها كلما تعمّد وضع يده لثواني معدودات على اسفل ظهرها أو فوق قفل صدريتها مباشرة اذا ما مرّا بباب محل أو مقهى وافتعل ترك اولوية العبور لها..

تذكرت نظراته الطويلة المسروقة الى صدرها المغري وكلماته المتقطعة في الزمان والمكان والتلفّظ كلّما تعلق الامر بهذين النهدين...

لامست نهديها فاختلطت الحمرة بالبياض... طلبت عفوهما.. "اعذرا غبائي الذي حال دونكما وشفتي الغريب"..لم يأبها ولم يعفوا عنها... فأصدرت حكمها الابتدائي دون تحكيم ضميرها الذي اعدمته شنقا حتى الموت منذ أمد بعيد : "حكمت نهداي غيابيا مضاجعة الغريب حتى الموت"... فـ "إنها ستقتله".. ستتفنن في قتله.. ستجعله يطلب الموت بكل ما أوتي من فحولة.. سيتوسلها الموت حرقا بالاحمر القاني.. سيقتل نفسه بنفسه ان لم تفعل.. سيموت الغريب بعد مرور شيطانها به.. سيكره الحياة من بعدها كلما وقف امام مرآته وتفحّص خلك الخدوش الحمراء... سيطرد كل تكاياه وسباياه من مملكته..

انتبهت الي ان الشريط اصابه عطب فلم يفكّ عن ترديد "فإنّي سأقتلك" واصرّت اكثر من اي وقت مضى على قتل ذاك الغريب.. فلا صوت يعلو فوق صوت حلمتيها... تناولت صور الغريب المبعثرة "كحبة أسبرين"... ونامت لتترصّده ها هناك

mercredi 14 novembre 2012

مع الطالب/في المترو


لم تكُن من هواة الاستيقاظ باكرا وكانت تسخط على تلك المقولة الفرنسية البائسة التي تعني فيما تعنيه أنّ "العالم يمتلكه من يستيقظون باكرا"... فالعالم بجباله ومحيطاته يضحي ملكا لها إذا ما استنشقت الصّندل الذكوري ذات ليلة في لحاف حريري جديد... والكواكبُ، كلّ الكواكب تُحيط بخصرها إذا ما التفّت حول ليونته يدي رجل غليظ ! كذلك هي تكره الإسراع بإيقاظ جسدها المتلذّذ ببياض الأغطية على اختلاف روائحها... ولكنّ مغامرة فاشلة كعديد المغامرات التي سلفتها أبت أن يستمتع بأنفاس نومها فراش رجل الأمس الذّي لم تبلغ معه سقف شبقها... إفراط الحديث والتخطيط للديباجات الرومانسية الكلاسيكية المملّة جعلاها تختار الانصراف خلسة منذ الصباح الباكر لاعنة كلّ القضبان الذكورية بمختلف أصنافها... جلست على كرسيّ منفرد في المترو الكريه الذي كثيرا ما كان رجالها يقونها شرّ اللجوء إليه وراحت تكتشف العالم الخارجي من جديد... شعرت بشيء من الأسى عندما تذكّرت أيام الجامعة حيث كانت تمتطي معه المترو فيرتفع صوتيهما ورفاقهما إمّا منشدين أو متحدّثين أو محتجّين... وراحت بها الذكريات إلى آخر أيامها مع ما يلقّبه البعض بـ.. السعادة ! تارة تغالبها الدموع وطورا يصمد قلبها فيصبر ويجمد ويسكتُ عن الذكريات "غير" المُباحة.. كانت تتذكّر أوّل لقاءاتها بـ "ع" عندما احتكّ ضرب من الشهوة بزندها الأيمن.. اهتزّ بدنها كهاجر لمّا غمرها الماء، فارتبك الفتى واعتذر " لو سمحت أريد أن أمُرّ".. اهتزّت غضبا ككلّ مرة تغضب فيها عندما لا يتفطّن إلى شهوتها ولا يسمع صوت نهديها أحد رجال هذا الكون.. مرّ الفتى واتخذ له مكانا قريب من كرسيّها ليظلّ فيه واقفا إلى حين... تذكّرت تجربة أمس الفاشلة وحطّت كل تركيزها على قضيب الفتى البادي المعالم من تحت سرواله الضيّق... ونادرا ما كانت تجزم بكمال رجل ما في قرارة نفسها.. عادة ما كانت ترتجف تحت رجال لا يروقون لها.. لكنّ هذا الفتى أعجبها كما لم يُعجبها أحد في تلك المدّة الأخيرة..دون أسباب ومؤيدات أعجبها ولم تنزل عينيها عن نصفه السفلي حتى أنها خشيت ألا تتمكن من التعرف على وجهه حالما يتوقف المترو، فسارعت بإلقاء نظرة خاطفة على ملامحه وسرعان ما قادتها رغبة فادحة إلى الشطر السفلي مجدّدا فتضاعفت غبطتها حالما امتلأ المترو فاقترب قضيب الفتى من زندها أكثر فأكثر وتخيلته فورا يجتاح دبرها الساخن.. ولكن الفتى لم ينتبه إلى ذلك بعد ! توقف المترو في العاصمة، أبعد الفتى شهوتها عن زندها واستدار إلى الباب نازلا... لحقته تجرّ خلفها شبقا كثيرا ما استسلمت إليه وأطفأت نيرانه بطرق... تعسفية.. ثم أوقفته "أين هو بنك "ت" من فضلك؟".. رمقها بنظرة غريبة وأجاب في وقت قياسي "البنك من هنا وبيتي من هنا" مشيرا إلى المبنى المقابل... ارتجف لحمها وتكوّرت حلمتيها لإجابته المغرية غير المتوقعة وأرادت التثبت مجدّدا من صدق جرأته "ولماذا تدلّني على شقتك؟".. لم يرتبك الفتى ولو للحظة واحدة على ما بدا لها "ربما تشربين القهوة ها هنا...".. "نعم".. قالتها ولم تُضف بعدها ربُع حرف واحد.. سمعها ولم يعقّب بشيء واحد بعدها.. فقط كانت تتبع خطاه وتتخيّل ذلك القضيب الذي رأته في المترو عاريا يدفعها إلى ستة سماوات فوق السّابعة منها... أما هو فكان يسبقها إلى الشقة هائما... دخلا الغرفة المتكونة من سرير واحد.. طلب منها نزع المعطف الشتوي ففعلت، وكان أن نزعت كل ما تحته... كانت لها رغبة كبيرة في تذوّق ذلك القضيب الغامض الذي احتك بزندها... وكانت لها رغبة أكبر في استراق بعض اللحظات مع طالب هائم ملهوف وخاصة جريء... أرادت مصافحة تواريخ الصفا ولو للحظات قليلة.. بل أرادتها لحظات قليلة بلا أسئلة كثيرة وبلا اتصال وصلات لاحقة.. وكان ذلك كذلك... تعانقا.. تلامسا... تلاحسا... تقاضما... تكالبا... تصارعا... تصايحا... تخالطا... تعانقا من جديد.. تقاسما سيجارة وقال لها "البنك من هنا"... حملت رائحته وغادرت ولم تعُد.

samedi 1 octobre 2011

أنثى جارحة

هي امرأة من زجاج.. كلما أتقنت ملامستها وأحسنت التعامل معها حافظت عليها.. ويوم تخدش جزءا منها بدت لك كنسخة مشوّهة عن الأصل، غريبة، هي وليست هي.. يوم تكسرها تتحول إلى شظايا جارحة، قد تمزّق لك لحمك أو تتسبب لك في نزيف قاتل.. هي أنثى تشبهك..

samedi 9 juillet 2011

تمنت لو تمنّت


عندما كانت فتاة صغيرة ولم تكن تعرف من الفصول سوى الربيع، كانت تلهو وتمرح في ساحة العمارة التي يقطن بها والدها مع أقرانها.. كانت تحلم بأن تصير مهندسة معمارية، كثيرة المال والجمال، تملك سيارة تتسع لكل ألعاب الشاطئ وتقطن بشقة في سيدي بوسعيد التي لم تزرها في الواقع سوى مرتين أو ثلاثة مرات مع والديها.. كان لها حلم غريب تستهجنه أمها البيتوتية وتستلطف الله حالما تردده الصغيرة على مسامعها: أن تتزوج فتنجب فتاة وتطلّق لتعيش مع رضيعتها وحيدتين مجنونتين حرتين.. ولم تقدر إلى اليوم إيجاد تفسير منطقي لحلمها الذي طالما اقشعّر له جسد أمها البسيطة إلى حدّ السذاجة...
نظرت كعادتها إلى سقف الغرفة شديدة السواد والفوضى واسترجعت أهم ما سمعته في يومها الشاق... "50 بالمائة من حاملات هذا المرض يعشن بين 4 و5 سنوات"، "في الواقع إن اتضح أن الورم الذي تحملينه خبيث فسوف لن تنجبي إطلاقا، أنا آسف"، "عمليتك دقيقة وتحتاجين إلى الكثير من الصبر والإصرار"، "يمكن أن يكون الورم حميدا وفور الحصول على النتيجة أنصحك بمحاولة الإنجاب، فربما لن تنعمي به مجددا إن تكررت الحالة"، "لماذا لم يأت زوجك معك؟ أريد أن أراه في المرة القادمة"... 5 سنوات.. لن تنجبي.. إصرار.. إنجاب.. زوجك..
تداخلت الكلمات في رأسها وزاد من حدّة وطأتها الصداع الذي يزاولها منذ الصباح.. نظرت إلى الهاتف من جديد.. لا يوجد إلى حدّ الآن أثر لما عبّر عنه الطبيب بـ "زوجها".. أوشكت على طرح أسئلة عن المدعو زوجها ثم تراجعت عن ذلك.. كان الوجع أقوى من ذكراه.. تذكّرت أصدقاءها القليلين الذين أسعفوا آخر ما تبقى لها من رغبة في الحياة.. كانت في حاجة ماسة إلى رجل يحبها، يقصّ عليها حكايا الجدّة ويداعب شعرها قبل أن يتساقط كله في يوم قريب أو بعيد.. وكانت متأكدة بشهادة هاتفها الصامت أنه ليس المدعو زوجها.. تذكّرت حلمها وهي صغيرة "أريد أن أتزوج فأنجب طفلة وأطلق"... وتمنّت لو تمنّت شيئا آخر غير هذا الحلم الذي بات مستحيلا..

samedi 29 mai 2010

لا أعرفك

تقابلنا ...
و ماذا بعد؟
أقفز فرحا كالمراهقة؟
أصيح انتصارا كتلميذ مجتهد يوم إعلان النتيجة؟
أبكي غبطة كابن بارّ عاد من الغربة مشتاقا ؟
أتسمّر في مكاني كبطلة مسلسل مكسيكي صدمت بمعرفة أمّها الحقيقية؟

لا, لم أفعل شيئا من هذا القبيل...
لماذا أفرح للقياك و أنت لست أنت؟
لا هي نظرتك و لا هو صوتك و لا هي رائحتك
تنظر باستغباء
تتحدّث ببرود و اتّزان
غيّرت عطرك و امّحت رائحة التبغ من لحمك
تلقي التحية ب "السلام عليكم" ؟
و ابتسامة عريضة تكاد تمزّق فكّك
أمر طبيعي ... لم تكن يوما ما ضحوكا
تجالسنا دون تنظير أو تفلسف أو عبارات إباحية؟
حركاتك هادئة, كلماتك ملؤها حياء و تلميق, رجلك اليسرى ثابتة على الأرض لا تهتزّ توترا
تردّ على كلّ المكالمات الهاتفية؟
هاتفك ما عاد صامتا,صار يرسل رنّة السيمفونية العاشرة بأعلى درجات الصوت المتاحة
و لا تضرب الحائط به مع ثالث اتصال قطع عنك حديثك
تستقبل من على الخطّ كل مرة بنفس الكلمات الموزونة اللبقة و تطيل معه الحديث
تشرب العصير و تدخّن سيجارتين فقط في خمس ساعات؟
لا تترك خلفك على الطاولة كوما من العلب الشاغرة و لا كأس بيرا قايضت به النادل عشرة مرات على الأقل طيلة الجلسة
تعطيه له فارغا فيرجعه مذهّبا
لا تنظر إلى صدر هذه و لا إلى مؤخرة تلك؟
لا تتلفّظ بأفحش الكلمات الفرنسية لوصفهما و لا تتغامز مع "ن" على قصة لا أعرفها و لا تغمرني قبلا متمرّدة على الحاضرين ممزوجة بمذاق البيرا و السجائر لتقنعني أنّك تمزح
تثني على كلام "ك.ا" و تثمّن مداخلته؟
و لا تجادله بطريقتك المخشوشنة و تجاهره بأنك تمقت طريقة تفكيره و تتمنى له في سخرية ماجنة أن يقصر قضيبه فنضحك كلنا و يستشيط "ك.ا" غضبا و يغادر تاركا كل روّاد الحانة ينظرون في دهشة واضحة إلى طاولتنا المهتزة ضحكا و زندقة
تتحدّث عن المال و الأعمال ؟
لا تترفع عن الرأسمالية و لا تسبّ برلسكوني و لا تستحضر تاريخ لينين
...
لا تشتاقني ؟؟
لا تنظر إلىّ بعيون لا تستعملها إلا معي, تلك البراءة الماكرة
لا ترمي بيدك تحت معطفي غير عابئ بالحضور مراهنا على تغييبي فكريا من الحديث
و لا تحتضنني مديرا ظهرك لهم بطريقتك الكريهة اجتماعيا, عندما تشي لك نرجسيتك أن النقاش أضحى هزيلا لا يليق بك
و لا تقاطعهم كالمختل عقليا بين الفينة و الأخرى مهما كان الموضوع جادا لتقول لي "أحبك" و تتركني محرجة منهم

أنت لست أنت
...
لا أعرفك
لم أعد أعرفك
أنت رجل غريب
أغرب من كلّ رجالي النّكرة
تتصنّع و تنافق و تجامل و تطنب قي المدح و تضلّل مشاعرك و أفكارك
لا أعرفك أيها الغريب

lundi 17 mai 2010

مع العجوز

(إلى روح هذا العجوز الشاب الذي كانت مشاعره الإنسانية أعمق من وجعي)

لم أكن لأعرفه لولا شطحات الصدف المجنونة
عجوز في السبعين
زنده يتدلى بين كمّ قميصه و بقايا عضلات ذراعه على إيقاع رعشته المرضية و مشيته العرجاء الخلقية
حقيبة من الجلد البني المتهرئ بيده اليمنى بدت و كأنها أقفلت غصبا و توشك على الانفجار
اقترب من طاولتنا يتفحّص فينا من وراء نظارته المتينة و كأنّه إزاء كتب معروضة كتبت عناوينها بخط رفيع فدعتك للاقتراب أكثر لاكتشافها
انتفض أحد الندماء من مكانه فخلنا مسّا من الجنّ أصابه
و سارع باستقبال العجوز و الترحيب به بأسلوب أرقى من النفاق الاجتماعي بكثير
قدّمه للحاضرين ممّن لم تبعث بهم الكحول إلى عوالم الحضور الشرفي بعد, و كنت منهم حينها
"السيد (م.ب) دكتور في الأدب و الحضارة العربية و روائي سوري"
حالما تعرفت عليه و تذكرت ما قرأت له من أعمال
و سرعان ما ادعيت الجهل و حاولت الابتسام للترحيب
فخانني فكّي السفلي و اكتفيت بمصافحة يده المرتعشة اللينة
...
كنت كجارية الملوك العباسيين بين العجوز و الرجال الجالسين معنا على الطاولة
أبتسم إلى هذا, أنثني على ذاك, و أداعب الآخر
لعبة, بل قل, مهنة, صرت أحذقها.
...
لم أتخيّل يوما أنّي سأتقاسم فراشا واحدا مع رجل طاعن في السنّ
رجل على قدر من الاحترام و الثقافة و الشهرة أيضا.
لم أفكر كثيرا عندما أشار إليّ تصريحا لا تلميحا بمرافقته لغرفة النزل
ربما أردت أن أجرّب كل الرجال من بعدك
لن أتقاسم معك أيام الشيخوخة و العجز الجنسي
ربما أردت أن أقوم باستشراف صورة جهازك التناسلي بعد عقدين من الزمان

...
دخلت إلى الحمام لأستحمّ و تركته يرتب أغراضه بالغرفة
كتب و مراجع و أوراق مبعثرة تقيّأتها محفظته
نظرت إلى جسدي و توقعت استيائه من التواصل مع رجل في السبعين
فلم يدلي لي بأي إعراض
قلت لك أنني لم أعد أخاطب إلا جسدي
ذكّرته برجالي فلم يقم بأية مقارنة
و كأنه يقول لي "أنا الذي انتقلت من الحبيب الأول إلى العشرات بعده لن يضجرني شكلهم و لا سنّهم و لا أيّ شئ بعد فراق الأحبة"
فسخرت منه و داعبته المياه الساخنة لتهدئ من روعه أمام استهزائي به
غطيت القليل منه بمنشفة و خرجت
نظر اليّ العجوز نظرة لم أفهم فحواها ... اعجاب و استهجان ... سرور و ضرب من الحزن
لم أعد كما تعرفني كثيرة الاسئلة فضولية كما عهدتني
مع رجالي أقلّل من الحديث و أكثر من الايحاء
و لكن نظرته تلك استفزتني و دعتني إلى التوجه له بالسؤال عن معناها
فأشار اليّ بالجلوس و قابلني على كرسيّه و أشعل سيجارة أجنبية بيد أنه أحضرها من بلاده
"أنت لست مومسا و لن تكوني يوما كذلك"
اكتفيت بالاصغاء و التحكم في ملامحي بحيث لا أبدي استغرابا و لا استنكارا
"تجربتي مع النساء طويلة ما لها ساحل...نساء من كلّ أصقاع العالم, عرفت من العاهرات ما يجعلني أوقن أنّك لست منهنّ...نظرتك ثاقبة و أساليب إغرائك مصطنعة... لست مومسا بل تلعبين دور المومس"
أشعلت سيجارة و حاولت جاهدة إبداء عدم اهتمامي بما يقول و اقتربت منه محاولة إقناعه أنّ ما يقوله ناجم بلا شك عن مفعول الكحول في قريحة متفلسفة بالأساس فأمسك بيدي و واصل الكلام بكلّ اتزان
"لا أطلب منك مجاهرتي بحقيقتك فليس من حقي ذلك و إنما أودّ فقط لو تستحضري عقلك بدل جسدك... و أوقن أنه من شأنك استحضارهما معا لو أردت... بإمكاني أن أساعدك كثيرا"
تجاهلته و تغابيت مدعية أنه فعلا بإمكانه أن يساعدني بالصمت و الرضوخ لجسدي, و شئ من الفضول الفطري يصارع أوامر إرادتي التي تنصّ على الكتمان و مقاطعة كل سبل النقاشات و التساؤلات و التحليلات
"اسمعي أنت لست عاهرة تبيع جسدها للعابرين, أرى ذلك في عينيك و حديثك و إن كانت فرصه قليلة بل قولي نادرة, وقد سبق و تقابلنا منذ سنوات قليلة في إحدى الأمسيات الشعرية,لا يمكن أن أنسى خيالك و قد قلت حينها ما أردت قوله أثناء النقاش الذي تلى الإلقاء, قلت حرفيا ما كنت عازما على قوله, لا تنكري, لم أنس صورتك, مومس من هواة الشعر؟؟ كتير حلو والله"
لم أجد سبيلا للإنكار وقد خانتني ملامحي التي ارتبكت فجأة, كيف لا و قد تذكرت ذلك القصيد الذي كتبته أنا لتشارك به أنت في المسابقة الشعرية و تفوز بالجائزة الثانية و تنسى شكري, ولو كذبا.
تركت يده و استلقيت على ظهري واضعة أسفل رجليّ على الفراش
صمتت لدقائق و لم يسمع سوى صوت احتراق السجائر, أرسل صوتا كفحيح الأفاعي
استحضرت شريط حياتي دون مونتاج أو مؤثرات فنية
لم أنظر اليه
ركّزت نظري على ركبتيّ فبديت كعزيز قوم ذلّ, أو كثكلى أصابها البكم بعد اللوعة, أو ربما كمجنون شرب مسكّنا فارتخت أعصابه
و أطلقت العنان لذاكرتي و واستدرجت لساني لنطق الأحرف
وسرعان ما فقدت التحكم فيهما
لم يقاطعني و لم أصمت و لم أزح بصري عن ركبتيّ
طلع ضوء النهار فسكتت عن الكلام الذي صار هذه الليلة مباحا
اتكأ العجوز إلى جانبي و كان أذكى مني في التحكم في ملامحه
احتضنني محاولا قدر الامكان تجنب ابداء الشفقة أو التعاطف
و نمت بحضنه دون أي تعقيب على كلامي أو تعليق يذكر
نمت كرضيعة حمّموها و أطعموها و حان وقت نومها فنامت دون مناوشات