تقابلنا ...
و ماذا بعد؟
أقفز فرحا كالمراهقة؟
أصيح انتصارا كتلميذ مجتهد يوم إعلان النتيجة؟
أبكي غبطة كابن بارّ عاد من الغربة مشتاقا ؟
أتسمّر في مكاني كبطلة مسلسل مكسيكي صدمت بمعرفة أمّها الحقيقية؟
لا, لم أفعل شيئا من هذا القبيل...
لماذا أفرح للقياك و أنت لست أنت؟
لا هي نظرتك و لا هو صوتك و لا هي رائحتك
تنظر باستغباء
تتحدّث ببرود و اتّزان
غيّرت عطرك و امّحت رائحة التبغ من لحمك
تلقي التحية ب "السلام عليكم" ؟
و ابتسامة عريضة تكاد تمزّق فكّك
أمر طبيعي ... لم تكن يوما ما ضحوكا
تجالسنا دون تنظير أو تفلسف أو عبارات إباحية؟
حركاتك هادئة, كلماتك ملؤها حياء و تلميق, رجلك اليسرى ثابتة على الأرض لا تهتزّ توترا
تردّ على كلّ المكالمات الهاتفية؟
هاتفك ما عاد صامتا,صار يرسل رنّة السيمفونية العاشرة بأعلى درجات الصوت المتاحة
و لا تضرب الحائط به مع ثالث اتصال قطع عنك حديثك
تستقبل من على الخطّ كل مرة بنفس الكلمات الموزونة اللبقة و تطيل معه الحديث
تشرب العصير و تدخّن سيجارتين فقط في خمس ساعات؟
لا تترك خلفك على الطاولة كوما من العلب الشاغرة و لا كأس بيرا قايضت به النادل عشرة مرات على الأقل طيلة الجلسة
تعطيه له فارغا فيرجعه مذهّبا
لا تنظر إلى صدر هذه و لا إلى مؤخرة تلك؟
لا تتلفّظ بأفحش الكلمات الفرنسية لوصفهما و لا تتغامز مع "ن" على قصة لا أعرفها و لا تغمرني قبلا متمرّدة على الحاضرين ممزوجة بمذاق البيرا و السجائر لتقنعني أنّك تمزح
تثني على كلام "ك.ا" و تثمّن مداخلته؟
و لا تجادله بطريقتك المخشوشنة و تجاهره بأنك تمقت طريقة تفكيره و تتمنى له في سخرية ماجنة أن يقصر قضيبه فنضحك كلنا و يستشيط "ك.ا" غضبا و يغادر تاركا كل روّاد الحانة ينظرون في دهشة واضحة إلى طاولتنا المهتزة ضحكا و زندقة
تتحدّث عن المال و الأعمال ؟
لا تترفع عن الرأسمالية و لا تسبّ برلسكوني و لا تستحضر تاريخ لينين
...
لا تشتاقني ؟؟
لا تنظر إلىّ بعيون لا تستعملها إلا معي, تلك البراءة الماكرة
لا ترمي بيدك تحت معطفي غير عابئ بالحضور مراهنا على تغييبي فكريا من الحديث
و لا تحتضنني مديرا ظهرك لهم بطريقتك الكريهة اجتماعيا, عندما تشي لك نرجسيتك أن النقاش أضحى هزيلا لا يليق بك
و لا تقاطعهم كالمختل عقليا بين الفينة و الأخرى مهما كان الموضوع جادا لتقول لي "أحبك" و تتركني محرجة منهم
أنت لست أنت
...
لا أعرفك
لم أعد أعرفك
أنت رجل غريب
أغرب من كلّ رجالي النّكرة
تتصنّع و تنافق و تجامل و تطنب قي المدح و تضلّل مشاعرك و أفكارك
لا أعرفك أيها الغريب
samedi 29 mai 2010
lundi 17 mai 2010
مع العجوز
(إلى روح هذا العجوز الشاب الذي كانت مشاعره الإنسانية أعمق من وجعي)
لم أكن لأعرفه لولا شطحات الصدف المجنونة
عجوز في السبعين
زنده يتدلى بين كمّ قميصه و بقايا عضلات ذراعه على إيقاع رعشته المرضية و مشيته العرجاء الخلقية
حقيبة من الجلد البني المتهرئ بيده اليمنى بدت و كأنها أقفلت غصبا و توشك على الانفجار
اقترب من طاولتنا يتفحّص فينا من وراء نظارته المتينة و كأنّه إزاء كتب معروضة كتبت عناوينها بخط رفيع فدعتك للاقتراب أكثر لاكتشافها
انتفض أحد الندماء من مكانه فخلنا مسّا من الجنّ أصابه
و سارع باستقبال العجوز و الترحيب به بأسلوب أرقى من النفاق الاجتماعي بكثير
قدّمه للحاضرين ممّن لم تبعث بهم الكحول إلى عوالم الحضور الشرفي بعد, و كنت منهم حينها
"السيد (م.ب) دكتور في الأدب و الحضارة العربية و روائي سوري"
حالما تعرفت عليه و تذكرت ما قرأت له من أعمال
و سرعان ما ادعيت الجهل و حاولت الابتسام للترحيب
فخانني فكّي السفلي و اكتفيت بمصافحة يده المرتعشة اللينة
...
كنت كجارية الملوك العباسيين بين العجوز و الرجال الجالسين معنا على الطاولة
أبتسم إلى هذا, أنثني على ذاك, و أداعب الآخر
لعبة, بل قل, مهنة, صرت أحذقها.
...
لم أتخيّل يوما أنّي سأتقاسم فراشا واحدا مع رجل طاعن في السنّ
رجل على قدر من الاحترام و الثقافة و الشهرة أيضا.
لم أفكر كثيرا عندما أشار إليّ تصريحا لا تلميحا بمرافقته لغرفة النزل
ربما أردت أن أجرّب كل الرجال من بعدك
لن أتقاسم معك أيام الشيخوخة و العجز الجنسي
ربما أردت أن أقوم باستشراف صورة جهازك التناسلي بعد عقدين من الزمان
...
دخلت إلى الحمام لأستحمّ و تركته يرتب أغراضه بالغرفة
كتب و مراجع و أوراق مبعثرة تقيّأتها محفظته
نظرت إلى جسدي و توقعت استيائه من التواصل مع رجل في السبعين
فلم يدلي لي بأي إعراض
قلت لك أنني لم أعد أخاطب إلا جسدي
ذكّرته برجالي فلم يقم بأية مقارنة
و كأنه يقول لي "أنا الذي انتقلت من الحبيب الأول إلى العشرات بعده لن يضجرني شكلهم و لا سنّهم و لا أيّ شئ بعد فراق الأحبة"
فسخرت منه و داعبته المياه الساخنة لتهدئ من روعه أمام استهزائي به
غطيت القليل منه بمنشفة و خرجت
نظر اليّ العجوز نظرة لم أفهم فحواها ... اعجاب و استهجان ... سرور و ضرب من الحزن
لم أعد كما تعرفني كثيرة الاسئلة فضولية كما عهدتني
مع رجالي أقلّل من الحديث و أكثر من الايحاء
و لكن نظرته تلك استفزتني و دعتني إلى التوجه له بالسؤال عن معناها
فأشار اليّ بالجلوس و قابلني على كرسيّه و أشعل سيجارة أجنبية بيد أنه أحضرها من بلاده
"أنت لست مومسا و لن تكوني يوما كذلك"
اكتفيت بالاصغاء و التحكم في ملامحي بحيث لا أبدي استغرابا و لا استنكارا
"تجربتي مع النساء طويلة ما لها ساحل...نساء من كلّ أصقاع العالم, عرفت من العاهرات ما يجعلني أوقن أنّك لست منهنّ...نظرتك ثاقبة و أساليب إغرائك مصطنعة... لست مومسا بل تلعبين دور المومس"
أشعلت سيجارة و حاولت جاهدة إبداء عدم اهتمامي بما يقول و اقتربت منه محاولة إقناعه أنّ ما يقوله ناجم بلا شك عن مفعول الكحول في قريحة متفلسفة بالأساس فأمسك بيدي و واصل الكلام بكلّ اتزان
"لا أطلب منك مجاهرتي بحقيقتك فليس من حقي ذلك و إنما أودّ فقط لو تستحضري عقلك بدل جسدك... و أوقن أنه من شأنك استحضارهما معا لو أردت... بإمكاني أن أساعدك كثيرا"
تجاهلته و تغابيت مدعية أنه فعلا بإمكانه أن يساعدني بالصمت و الرضوخ لجسدي, و شئ من الفضول الفطري يصارع أوامر إرادتي التي تنصّ على الكتمان و مقاطعة كل سبل النقاشات و التساؤلات و التحليلات
"اسمعي أنت لست عاهرة تبيع جسدها للعابرين, أرى ذلك في عينيك و حديثك و إن كانت فرصه قليلة بل قولي نادرة, وقد سبق و تقابلنا منذ سنوات قليلة في إحدى الأمسيات الشعرية,لا يمكن أن أنسى خيالك و قد قلت حينها ما أردت قوله أثناء النقاش الذي تلى الإلقاء, قلت حرفيا ما كنت عازما على قوله, لا تنكري, لم أنس صورتك, مومس من هواة الشعر؟؟ كتير حلو والله"
لم أجد سبيلا للإنكار وقد خانتني ملامحي التي ارتبكت فجأة, كيف لا و قد تذكرت ذلك القصيد الذي كتبته أنا لتشارك به أنت في المسابقة الشعرية و تفوز بالجائزة الثانية و تنسى شكري, ولو كذبا.
تركت يده و استلقيت على ظهري واضعة أسفل رجليّ على الفراش
صمتت لدقائق و لم يسمع سوى صوت احتراق السجائر, أرسل صوتا كفحيح الأفاعي
استحضرت شريط حياتي دون مونتاج أو مؤثرات فنية
لم أنظر اليه
ركّزت نظري على ركبتيّ فبديت كعزيز قوم ذلّ, أو كثكلى أصابها البكم بعد اللوعة, أو ربما كمجنون شرب مسكّنا فارتخت أعصابه
و أطلقت العنان لذاكرتي و واستدرجت لساني لنطق الأحرف
وسرعان ما فقدت التحكم فيهما
لم يقاطعني و لم أصمت و لم أزح بصري عن ركبتيّ
طلع ضوء النهار فسكتت عن الكلام الذي صار هذه الليلة مباحا
اتكأ العجوز إلى جانبي و كان أذكى مني في التحكم في ملامحه
احتضنني محاولا قدر الامكان تجنب ابداء الشفقة أو التعاطف
و نمت بحضنه دون أي تعقيب على كلامي أو تعليق يذكر
نمت كرضيعة حمّموها و أطعموها و حان وقت نومها فنامت دون مناوشات
لم أكن لأعرفه لولا شطحات الصدف المجنونة
عجوز في السبعين
زنده يتدلى بين كمّ قميصه و بقايا عضلات ذراعه على إيقاع رعشته المرضية و مشيته العرجاء الخلقية
حقيبة من الجلد البني المتهرئ بيده اليمنى بدت و كأنها أقفلت غصبا و توشك على الانفجار
اقترب من طاولتنا يتفحّص فينا من وراء نظارته المتينة و كأنّه إزاء كتب معروضة كتبت عناوينها بخط رفيع فدعتك للاقتراب أكثر لاكتشافها
انتفض أحد الندماء من مكانه فخلنا مسّا من الجنّ أصابه
و سارع باستقبال العجوز و الترحيب به بأسلوب أرقى من النفاق الاجتماعي بكثير
قدّمه للحاضرين ممّن لم تبعث بهم الكحول إلى عوالم الحضور الشرفي بعد, و كنت منهم حينها
"السيد (م.ب) دكتور في الأدب و الحضارة العربية و روائي سوري"
حالما تعرفت عليه و تذكرت ما قرأت له من أعمال
و سرعان ما ادعيت الجهل و حاولت الابتسام للترحيب
فخانني فكّي السفلي و اكتفيت بمصافحة يده المرتعشة اللينة
...
كنت كجارية الملوك العباسيين بين العجوز و الرجال الجالسين معنا على الطاولة
أبتسم إلى هذا, أنثني على ذاك, و أداعب الآخر
لعبة, بل قل, مهنة, صرت أحذقها.
...
لم أتخيّل يوما أنّي سأتقاسم فراشا واحدا مع رجل طاعن في السنّ
رجل على قدر من الاحترام و الثقافة و الشهرة أيضا.
لم أفكر كثيرا عندما أشار إليّ تصريحا لا تلميحا بمرافقته لغرفة النزل
ربما أردت أن أجرّب كل الرجال من بعدك
لن أتقاسم معك أيام الشيخوخة و العجز الجنسي
ربما أردت أن أقوم باستشراف صورة جهازك التناسلي بعد عقدين من الزمان
...
دخلت إلى الحمام لأستحمّ و تركته يرتب أغراضه بالغرفة
كتب و مراجع و أوراق مبعثرة تقيّأتها محفظته
نظرت إلى جسدي و توقعت استيائه من التواصل مع رجل في السبعين
فلم يدلي لي بأي إعراض
قلت لك أنني لم أعد أخاطب إلا جسدي
ذكّرته برجالي فلم يقم بأية مقارنة
و كأنه يقول لي "أنا الذي انتقلت من الحبيب الأول إلى العشرات بعده لن يضجرني شكلهم و لا سنّهم و لا أيّ شئ بعد فراق الأحبة"
فسخرت منه و داعبته المياه الساخنة لتهدئ من روعه أمام استهزائي به
غطيت القليل منه بمنشفة و خرجت
نظر اليّ العجوز نظرة لم أفهم فحواها ... اعجاب و استهجان ... سرور و ضرب من الحزن
لم أعد كما تعرفني كثيرة الاسئلة فضولية كما عهدتني
مع رجالي أقلّل من الحديث و أكثر من الايحاء
و لكن نظرته تلك استفزتني و دعتني إلى التوجه له بالسؤال عن معناها
فأشار اليّ بالجلوس و قابلني على كرسيّه و أشعل سيجارة أجنبية بيد أنه أحضرها من بلاده
"أنت لست مومسا و لن تكوني يوما كذلك"
اكتفيت بالاصغاء و التحكم في ملامحي بحيث لا أبدي استغرابا و لا استنكارا
"تجربتي مع النساء طويلة ما لها ساحل...نساء من كلّ أصقاع العالم, عرفت من العاهرات ما يجعلني أوقن أنّك لست منهنّ...نظرتك ثاقبة و أساليب إغرائك مصطنعة... لست مومسا بل تلعبين دور المومس"
أشعلت سيجارة و حاولت جاهدة إبداء عدم اهتمامي بما يقول و اقتربت منه محاولة إقناعه أنّ ما يقوله ناجم بلا شك عن مفعول الكحول في قريحة متفلسفة بالأساس فأمسك بيدي و واصل الكلام بكلّ اتزان
"لا أطلب منك مجاهرتي بحقيقتك فليس من حقي ذلك و إنما أودّ فقط لو تستحضري عقلك بدل جسدك... و أوقن أنه من شأنك استحضارهما معا لو أردت... بإمكاني أن أساعدك كثيرا"
تجاهلته و تغابيت مدعية أنه فعلا بإمكانه أن يساعدني بالصمت و الرضوخ لجسدي, و شئ من الفضول الفطري يصارع أوامر إرادتي التي تنصّ على الكتمان و مقاطعة كل سبل النقاشات و التساؤلات و التحليلات
"اسمعي أنت لست عاهرة تبيع جسدها للعابرين, أرى ذلك في عينيك و حديثك و إن كانت فرصه قليلة بل قولي نادرة, وقد سبق و تقابلنا منذ سنوات قليلة في إحدى الأمسيات الشعرية,لا يمكن أن أنسى خيالك و قد قلت حينها ما أردت قوله أثناء النقاش الذي تلى الإلقاء, قلت حرفيا ما كنت عازما على قوله, لا تنكري, لم أنس صورتك, مومس من هواة الشعر؟؟ كتير حلو والله"
لم أجد سبيلا للإنكار وقد خانتني ملامحي التي ارتبكت فجأة, كيف لا و قد تذكرت ذلك القصيد الذي كتبته أنا لتشارك به أنت في المسابقة الشعرية و تفوز بالجائزة الثانية و تنسى شكري, ولو كذبا.
تركت يده و استلقيت على ظهري واضعة أسفل رجليّ على الفراش
صمتت لدقائق و لم يسمع سوى صوت احتراق السجائر, أرسل صوتا كفحيح الأفاعي
استحضرت شريط حياتي دون مونتاج أو مؤثرات فنية
لم أنظر اليه
ركّزت نظري على ركبتيّ فبديت كعزيز قوم ذلّ, أو كثكلى أصابها البكم بعد اللوعة, أو ربما كمجنون شرب مسكّنا فارتخت أعصابه
و أطلقت العنان لذاكرتي و واستدرجت لساني لنطق الأحرف
وسرعان ما فقدت التحكم فيهما
لم يقاطعني و لم أصمت و لم أزح بصري عن ركبتيّ
طلع ضوء النهار فسكتت عن الكلام الذي صار هذه الليلة مباحا
اتكأ العجوز إلى جانبي و كان أذكى مني في التحكم في ملامحه
احتضنني محاولا قدر الامكان تجنب ابداء الشفقة أو التعاطف
و نمت بحضنه دون أي تعقيب على كلامي أو تعليق يذكر
نمت كرضيعة حمّموها و أطعموها و حان وقت نومها فنامت دون مناوشات
jeudi 13 mai 2010
وداعا
تلك كانت حياتنا بذاك البلد الشديد السواد و البرد
يوم تقابلنا لأوّل مرة في إطار البعثة العلمية
كانوا كلهمّ متحمسين فرحين لمغادرة الوطن نحو أفق أوسع
لم نكن نعرف بعضنا
جمعنا ذلك الإحساس بالغربة و ملامح التردد البادية على محيّانا
قاعة الانتظار التي عجّت بحوارات المتكالبين على السفر
و كرسيّان متفرقان من حيث المساحة
يجلس عليهما شخصان متشابهان في التوتر
إيقاع عصبيّ موزون برجليهما اليسرى و تأفف متزامن أعلن لكليهما عن تواجد شبيه له في هذا الكمّ الهائل من الاغتراب
نظرة اعتباطية مسترقة بين ذراع الفتاة الواقفة و جذعها
نظرة تتساءل من الآخر المهموم هنا غيري؟
فتاة في مقتبل العمر
و شاب في الثلاثين
ثم أرضت النظرات فضولها و عادت تراقب خطوات المارين أمامها
و عادت لتتشابك في الطائرة
...
جمعتنا أيام الغربة و الشباب و الفن و الثورة
غربة ريثما تجاوزناها معا
و شباب أغدقناه على بعضنا البعض
و فنّ تغربنا لنطوّره
و ثورة اخترناها أو اختارتنا فحفّت أيامنا بشئ من الخصوصية
جمعتنا تلك الشقة الخالية من كل ما ييسّر العيش
مملوءة بالأفكار و الإبداعات و العواطف و اللهفة
جمعتنا تلك البساطة القريبة من الفقر
الحاشية الملقاة أرضا و الحمام الضيّق و المطبخ القاحل و الشرفة المليئة بالزهور التي اخترناها معا
كل ركن من تلك الشقة يذكر حواراتنا و جدلنا و جلساتنا و طموحنا و غبائنا
الجارة "سيلفيا" عايشت خصوماتنا مع المؤجّر
...
جمعنا الدرج الكاحل السواد ... كم من مرة تتطايحنا على رخامه القديم المتشقق و كم من مرة تعثرت خطواتنا في ثناياها
شهد على شجاراتنا و سكراتنا و سهراتنا و خطانا المثقلة تعبا و اضطهادا
...
ثم...
عدنا إلى الوطن بكم من الشهادات و الكثير من الشهود على حبنا القويم
تغير المكان و لم يتغير الكيان
تغير المناخ و أوقد نيراننا أكثر و أكثر
واصلنا على نفس وتيرة العطاء ... للحبّ للفن و للثورة
و فجأة و دون سابق إنذار ...
يوم قررت تبديل شقة الغربة بالقصور المرتفعة الأسوار
يوم قررت الصعود من الأرض إلى فراش حريري
يوم قررت "الاستقرار" ذلك المصطلح الذي لا أفهمه إلى غاية اليوم
قررت الانسحاب الفجئي
من الحب
من الفن
و من الثورة
لم يتّسع لي أن أفهم شيئا
العهد و قطعناه معا
ثلاثي لا يستقيم الا باجتماعنا معا
...
و لم يسعني الا أن أغادر صورة الحبيبة الفنانة الثائرة إلى عالم غريب مخالف
عالم ليلي لا يعرف ضوء النهار
عالم قلّما حثني على التفكير
...
وداعا أيتها الشمس البازغة
يوم تقابلنا لأوّل مرة في إطار البعثة العلمية
كانوا كلهمّ متحمسين فرحين لمغادرة الوطن نحو أفق أوسع
لم نكن نعرف بعضنا
جمعنا ذلك الإحساس بالغربة و ملامح التردد البادية على محيّانا
قاعة الانتظار التي عجّت بحوارات المتكالبين على السفر
و كرسيّان متفرقان من حيث المساحة
يجلس عليهما شخصان متشابهان في التوتر
إيقاع عصبيّ موزون برجليهما اليسرى و تأفف متزامن أعلن لكليهما عن تواجد شبيه له في هذا الكمّ الهائل من الاغتراب
نظرة اعتباطية مسترقة بين ذراع الفتاة الواقفة و جذعها
نظرة تتساءل من الآخر المهموم هنا غيري؟
فتاة في مقتبل العمر
و شاب في الثلاثين
ثم أرضت النظرات فضولها و عادت تراقب خطوات المارين أمامها
و عادت لتتشابك في الطائرة
...
جمعتنا أيام الغربة و الشباب و الفن و الثورة
غربة ريثما تجاوزناها معا
و شباب أغدقناه على بعضنا البعض
و فنّ تغربنا لنطوّره
و ثورة اخترناها أو اختارتنا فحفّت أيامنا بشئ من الخصوصية
جمعتنا تلك الشقة الخالية من كل ما ييسّر العيش
مملوءة بالأفكار و الإبداعات و العواطف و اللهفة
جمعتنا تلك البساطة القريبة من الفقر
الحاشية الملقاة أرضا و الحمام الضيّق و المطبخ القاحل و الشرفة المليئة بالزهور التي اخترناها معا
كل ركن من تلك الشقة يذكر حواراتنا و جدلنا و جلساتنا و طموحنا و غبائنا
الجارة "سيلفيا" عايشت خصوماتنا مع المؤجّر
...
جمعنا الدرج الكاحل السواد ... كم من مرة تتطايحنا على رخامه القديم المتشقق و كم من مرة تعثرت خطواتنا في ثناياها
شهد على شجاراتنا و سكراتنا و سهراتنا و خطانا المثقلة تعبا و اضطهادا
...
ثم...
عدنا إلى الوطن بكم من الشهادات و الكثير من الشهود على حبنا القويم
تغير المكان و لم يتغير الكيان
تغير المناخ و أوقد نيراننا أكثر و أكثر
واصلنا على نفس وتيرة العطاء ... للحبّ للفن و للثورة
و فجأة و دون سابق إنذار ...
يوم قررت تبديل شقة الغربة بالقصور المرتفعة الأسوار
يوم قررت الصعود من الأرض إلى فراش حريري
يوم قررت "الاستقرار" ذلك المصطلح الذي لا أفهمه إلى غاية اليوم
قررت الانسحاب الفجئي
من الحب
من الفن
و من الثورة
لم يتّسع لي أن أفهم شيئا
العهد و قطعناه معا
ثلاثي لا يستقيم الا باجتماعنا معا
...
و لم يسعني الا أن أغادر صورة الحبيبة الفنانة الثائرة إلى عالم غريب مخالف
عالم ليلي لا يعرف ضوء النهار
عالم قلّما حثني على التفكير
...
وداعا أيتها الشمس البازغة
jeudi 6 mai 2010
كابوس
رأيت حلما مزعجا كنت بطله بدون مناهز
فسارعت بالاستيقاظ مقتنعة بأنك لن تسجل الحضور من جديد إلا في الكوابيس
و أشعلت سيجارتي الصباحية الكريهة
أتذكر كم من مرّة هاجمتني لإدماني على التدخين؟
كم من مرة تخاصمنا حول "سيجارة ما بعد الجنس" ؟
أنا أتذكّر ...
لم أنس أيّة تفاصيل و لكنّي سأنساك طبعا كما ينسى الربيع الشتاء و يحتضن الصيف
أنا الربيع ... يحمل جلدي عبق الورود و يقطر فمي شهدا و نثرت الطبيعة على نهديّ أعطر الزهور
برد الشتاء عواطفك و غرائزك ... دثرّتك أنوثتي و يوم شعرت بالدفء رحلت دون سابق إنذار
و هم الصيف يوقدونني نارا و يلهبون شبقي و يستفزون نشوتي
نظرت إلى السقف أداعب مسلسلي و أدندن محاولة الهزل "كتاب حياتي يا عين ما شفت زيّو كتاب"
ضحكت على نفسي حتى كدت أفقد أنفاسي من السعال على اثر التقاف القهقهات لدخان السيجارة في حلقي
أطفأتها متشائمة و استويت واقفة أمام قارئ الأقراص المضغوطة أضع شريط "شارل أزنافور"
"ارحلوا بي إلى طرف الأرض ارحلوا بي إلى عالم العجائب"
فتحت الستائر و استغربت صفو مزاجي
لبست ثيابي و ذهبت لمقابلة الأصدقاء في المقهى الذي طالما جمعنا "بالقنطاوي"
مضى زمن كبير على آخر لقاء لي بهم
دخلت وحيدة فبدا لهم المشهد غريب
تكلمت فاستهجنوا ألفاظي الغريبة
دخّنت فعجبوا لطريقة مسك السيجارة الغريبة
أعربوا لي عن أسفهم لما حصل بيننا
و استحوا من مصارحتي بتراجع صحتي و جمالي
منهم من بكى حالي
و منهم من اتخذ منك موقفا و لن يكلمك من جديد
سألت أحدهم عن أحوالك فقال أنّه رآك خارجا على عجل من المصحة و الاضطراب باد على وجهك
لم أعر كلامه اهتماما فلم تكن مضطربا إلا لشغلك ... لا شئ يؤثر فيك غير كسب ودّ مديرك
أمقتك حتى العشق
اصطحبني (م) بسيارته إلى شقتي فوجدت شارل أزنافور لم يملّ الغناء بعد
غيّرت ثيابي من جديد و نزلت إلى النزل أتصيّد أحد عقاقير النسيان
فسارعت بالاستيقاظ مقتنعة بأنك لن تسجل الحضور من جديد إلا في الكوابيس
و أشعلت سيجارتي الصباحية الكريهة
أتذكر كم من مرّة هاجمتني لإدماني على التدخين؟
كم من مرة تخاصمنا حول "سيجارة ما بعد الجنس" ؟
أنا أتذكّر ...
لم أنس أيّة تفاصيل و لكنّي سأنساك طبعا كما ينسى الربيع الشتاء و يحتضن الصيف
أنا الربيع ... يحمل جلدي عبق الورود و يقطر فمي شهدا و نثرت الطبيعة على نهديّ أعطر الزهور
برد الشتاء عواطفك و غرائزك ... دثرّتك أنوثتي و يوم شعرت بالدفء رحلت دون سابق إنذار
و هم الصيف يوقدونني نارا و يلهبون شبقي و يستفزون نشوتي
نظرت إلى السقف أداعب مسلسلي و أدندن محاولة الهزل "كتاب حياتي يا عين ما شفت زيّو كتاب"
ضحكت على نفسي حتى كدت أفقد أنفاسي من السعال على اثر التقاف القهقهات لدخان السيجارة في حلقي
أطفأتها متشائمة و استويت واقفة أمام قارئ الأقراص المضغوطة أضع شريط "شارل أزنافور"
"ارحلوا بي إلى طرف الأرض ارحلوا بي إلى عالم العجائب"
فتحت الستائر و استغربت صفو مزاجي
لبست ثيابي و ذهبت لمقابلة الأصدقاء في المقهى الذي طالما جمعنا "بالقنطاوي"
مضى زمن كبير على آخر لقاء لي بهم
دخلت وحيدة فبدا لهم المشهد غريب
تكلمت فاستهجنوا ألفاظي الغريبة
دخّنت فعجبوا لطريقة مسك السيجارة الغريبة
أعربوا لي عن أسفهم لما حصل بيننا
و استحوا من مصارحتي بتراجع صحتي و جمالي
منهم من بكى حالي
و منهم من اتخذ منك موقفا و لن يكلمك من جديد
سألت أحدهم عن أحوالك فقال أنّه رآك خارجا على عجل من المصحة و الاضطراب باد على وجهك
لم أعر كلامه اهتماما فلم تكن مضطربا إلا لشغلك ... لا شئ يؤثر فيك غير كسب ودّ مديرك
أمقتك حتى العشق
اصطحبني (م) بسيارته إلى شقتي فوجدت شارل أزنافور لم يملّ الغناء بعد
غيّرت ثيابي من جديد و نزلت إلى النزل أتصيّد أحد عقاقير النسيان
كان رجلا رائعا
تناولت أقراص النوم و تلمّحت عدد الحبوب القليلة المتبقية أذكّر نفسي بضرورة مراجعة الطبيب من جديد
ارتشفت الماء مباشرة من القارورة لفرط ما أبديته من استهجان لهذا السلوك
انتظرت سدى أن أنام و أموت لعشر ساعات
أجلت نظري على معصمي و أصابعي في نرجسية أعشقها
و تذكّرت ذلك الخاتم الذي كان وفيّا ليدي اليسرى
و رأيت شفتاك بين أصابعي تتذوقها
فمسحت كفي في مخدتي أتملّص من لعابك المرّ المذاق
اتخذت وضعية نومي العادية التي تأبى أن تفارقني
فكلّ ما كان يعجبك أريد أن أهجره
استحضرت لمسات أناملك على عمودي الفقري و مؤخرتي
و سمعت وشوشتك في أذني "مابنّك مابنّك مابنّك"
وضعت الوسادة فوق رأسي في حركة عصبية لاخفات صوتك المزعج
و استجديت عطف النوم فتصلّب قلبه و أبى أن يرضخ
أقدر على ارضاخ ألف رجل مثلك و لا أقوى على التآمر على النوم
أزلت الوسادة و اقتفت يدي أثر هاتفي على الطاولة الصغيرة المحاذية للفراش
أمسكت به و قبل أن أضغط على أحد مفاتيحه عكست لي شاشته المظلمة وجهي الشاحب
كان من الواضح أنني أحتاج الى النوم .. و لكنه تمنّع
ليس من الوارد و المسموح به طبعا أن أسهر لأصارع ذكراك
اتصلت بطليق زميلتي الذي أكسبته نوعا من الحميمية منذ زمن ليس ببعيد
كنت في حاجة إلى رجل على قدر من الحنان يومها
لم أرد لا قبلا و لا مداعبات و لا نكاح ليلتها
لا أريد أن تصير حياتي الجنسية محاطة بالروتينية و البرود
هذا الرجل مميّز بطاقة من الشاعرية و الهدوء
يذكرني كثيرا بالفنان "فرانسيس كابرال"
قدم بعد ساعة تقريبا و أحضر معه الورود و النبيذ كالعادة
هو لا يسارع باستدراجي الى الفراش
يعجبني أسلوبه
بامكانه أن يقضي أكثر من ليلة معي و يكتفي بالغناء لي و اللعب بشعري و أنا في حضنه, إن أنا أردت ذلك
و فجأة أردت ليلتها أن أكافئه على شهامته
نعم هو شهم, لا يشبهك
وضعت "سي دي" "باست لاتينو" الذي أهديتني ايّاه و دعوته للرقص
لم يكن راقصا جيدا و لكنه كان رجلا جيدا
ذهبت أبحث عن لعبة الورق في درج المكتب
رآها فدهش
و لعبنا واضعين قانوننا الخاص ... كلما خسر أحدنا نزع قطعة من ثيابه
تعالت ضحكاتنا و بانت أجسامنا متلهفة مستشيطة من الرغبة
تأرجحت فوق فخذيه كالمركب الصغير الذي يتمايل مع حركة الموج في بحر ثائر حتى يرمي به لحدود السماء
و استحثني صوته المتلذذ على الانتشاء
تأوّهت بصوت خافت فنثرت عليه جمرا مشتعلا و اتقد نارا
لم يكن راقصا محترفا و لكنه كان رجلا محترفا
تحسّس كامل جسدي و كأنه يتساءل إن كنت من الإنس أو من فصيلة أخرى و تلويت بين يديه و شئ كالغثيان يراودني
قبّل جبيني و أنفي و مرّر أصابعه على نهديّ قائلا بصوت تعتريه اللذة "أنت أغرب و أروع قحبة قابلتها في حياتي"
ابتسمت و لم يزعجني كلامه فهو يصرّح بما يجول بخاطره و لم يقل غير الحقيقة, على عكسك
و استسلمت لنوم فاجئني على صدره الكثيف الشعر
لم أتذكرك فرائحته كانت أطيب كثيرا من صورتك
ارتشفت الماء مباشرة من القارورة لفرط ما أبديته من استهجان لهذا السلوك
انتظرت سدى أن أنام و أموت لعشر ساعات
أجلت نظري على معصمي و أصابعي في نرجسية أعشقها
و تذكّرت ذلك الخاتم الذي كان وفيّا ليدي اليسرى
و رأيت شفتاك بين أصابعي تتذوقها
فمسحت كفي في مخدتي أتملّص من لعابك المرّ المذاق
اتخذت وضعية نومي العادية التي تأبى أن تفارقني
فكلّ ما كان يعجبك أريد أن أهجره
استحضرت لمسات أناملك على عمودي الفقري و مؤخرتي
و سمعت وشوشتك في أذني "مابنّك مابنّك مابنّك"
وضعت الوسادة فوق رأسي في حركة عصبية لاخفات صوتك المزعج
و استجديت عطف النوم فتصلّب قلبه و أبى أن يرضخ
أقدر على ارضاخ ألف رجل مثلك و لا أقوى على التآمر على النوم
أزلت الوسادة و اقتفت يدي أثر هاتفي على الطاولة الصغيرة المحاذية للفراش
أمسكت به و قبل أن أضغط على أحد مفاتيحه عكست لي شاشته المظلمة وجهي الشاحب
كان من الواضح أنني أحتاج الى النوم .. و لكنه تمنّع
ليس من الوارد و المسموح به طبعا أن أسهر لأصارع ذكراك
اتصلت بطليق زميلتي الذي أكسبته نوعا من الحميمية منذ زمن ليس ببعيد
كنت في حاجة إلى رجل على قدر من الحنان يومها
لم أرد لا قبلا و لا مداعبات و لا نكاح ليلتها
لا أريد أن تصير حياتي الجنسية محاطة بالروتينية و البرود
هذا الرجل مميّز بطاقة من الشاعرية و الهدوء
يذكرني كثيرا بالفنان "فرانسيس كابرال"
قدم بعد ساعة تقريبا و أحضر معه الورود و النبيذ كالعادة
هو لا يسارع باستدراجي الى الفراش
يعجبني أسلوبه
بامكانه أن يقضي أكثر من ليلة معي و يكتفي بالغناء لي و اللعب بشعري و أنا في حضنه, إن أنا أردت ذلك
و فجأة أردت ليلتها أن أكافئه على شهامته
نعم هو شهم, لا يشبهك
وضعت "سي دي" "باست لاتينو" الذي أهديتني ايّاه و دعوته للرقص
لم يكن راقصا جيدا و لكنه كان رجلا جيدا
ذهبت أبحث عن لعبة الورق في درج المكتب
رآها فدهش
و لعبنا واضعين قانوننا الخاص ... كلما خسر أحدنا نزع قطعة من ثيابه
تعالت ضحكاتنا و بانت أجسامنا متلهفة مستشيطة من الرغبة
تأرجحت فوق فخذيه كالمركب الصغير الذي يتمايل مع حركة الموج في بحر ثائر حتى يرمي به لحدود السماء
و استحثني صوته المتلذذ على الانتشاء
تأوّهت بصوت خافت فنثرت عليه جمرا مشتعلا و اتقد نارا
لم يكن راقصا محترفا و لكنه كان رجلا محترفا
تحسّس كامل جسدي و كأنه يتساءل إن كنت من الإنس أو من فصيلة أخرى و تلويت بين يديه و شئ كالغثيان يراودني
قبّل جبيني و أنفي و مرّر أصابعه على نهديّ قائلا بصوت تعتريه اللذة "أنت أغرب و أروع قحبة قابلتها في حياتي"
ابتسمت و لم يزعجني كلامه فهو يصرّح بما يجول بخاطره و لم يقل غير الحقيقة, على عكسك
و استسلمت لنوم فاجئني على صدره الكثيف الشعر
لم أتذكرك فرائحته كانت أطيب كثيرا من صورتك
الفنان
نظرت إلى الساعة الرقمية التي أمقت ضوءها الأحمر المتسلّل بين ظلام الغرفة و دخان السيجارة الأخيرة
أرقامها الأربعة الشديدة الاستقامة تشي بأنّ وقت استقطاب أحد الرجال المدونين على قائمة هاتفي الجديد قد حان
زمن من أهداني هذا الجوّال قد ولّى مع تباشير نشوته التي ألقاها على فخذيّ آخر مرّة ضاجعته
أريد اليوم رجلا جديدا نكره لأشنّ على كاهله حروبي البونيّة
تذكّرتك ... في مثل هذه الساعة أتيتني يوما ما, ككلّ يوم, بحبّك, و ذابت كلماتك على شفتاي بعد سويعات مرّت كبضعة دقائق
و كلّما تذّكرتك ناديت باسم رجل آخر
ارتديت ما قلّ من الثياب و غادرت الغرفة الحزينة إلى النزل المجاور
لبست مع الثياب قناع المجون و ارتجلت أساليب جديدة في البغاء
راقصت عجوزا ظمآن و مازحت مراهقا و لهان و تثنيّت بين يدي رجل ادّعى أنه فنان
بديت له لا أتقن من الفنون الّا الغواية
لم يتوقّع اني كنت يوما ذات اسم و قدر من الاهتمام
لم يزعجني تكبّره و لا احتقاره لي ... تخيّلته فقط على صدري يتتبّع مواطن الفنّ على بشرتي
و عموما أنت أيضا لم تقدّر يوما ما موهبتي
ما عاد يعنيني رأي الجنس الاخر في ملكاتي و أعشق أن يثني أحدهم على قدرات جسدي
اصطحبني الى مرسمه و أطلعني على لوحاته الرخيصة و أبديت له جهلي بالفنون التشكيلية
أصلحت عن غير قصد بعض الأخطاء الفنية
و لم أرد أن يعيرني من الاهتمام أكثر من بقايا هذه الليلة
طلع الفجر من جديد و حان وقت نومي
احتضنني بأسلوب فني على طريقته و أغمضت عينيّ أتخيّل رجلي المقبل
أأبى أن أذكرك
أرقامها الأربعة الشديدة الاستقامة تشي بأنّ وقت استقطاب أحد الرجال المدونين على قائمة هاتفي الجديد قد حان
زمن من أهداني هذا الجوّال قد ولّى مع تباشير نشوته التي ألقاها على فخذيّ آخر مرّة ضاجعته
أريد اليوم رجلا جديدا نكره لأشنّ على كاهله حروبي البونيّة
تذكّرتك ... في مثل هذه الساعة أتيتني يوما ما, ككلّ يوم, بحبّك, و ذابت كلماتك على شفتاي بعد سويعات مرّت كبضعة دقائق
و كلّما تذّكرتك ناديت باسم رجل آخر
ارتديت ما قلّ من الثياب و غادرت الغرفة الحزينة إلى النزل المجاور
لبست مع الثياب قناع المجون و ارتجلت أساليب جديدة في البغاء
راقصت عجوزا ظمآن و مازحت مراهقا و لهان و تثنيّت بين يدي رجل ادّعى أنه فنان
بديت له لا أتقن من الفنون الّا الغواية
لم يتوقّع اني كنت يوما ذات اسم و قدر من الاهتمام
لم يزعجني تكبّره و لا احتقاره لي ... تخيّلته فقط على صدري يتتبّع مواطن الفنّ على بشرتي
و عموما أنت أيضا لم تقدّر يوما ما موهبتي
ما عاد يعنيني رأي الجنس الاخر في ملكاتي و أعشق أن يثني أحدهم على قدرات جسدي
اصطحبني الى مرسمه و أطلعني على لوحاته الرخيصة و أبديت له جهلي بالفنون التشكيلية
أصلحت عن غير قصد بعض الأخطاء الفنية
و لم أرد أن يعيرني من الاهتمام أكثر من بقايا هذه الليلة
طلع الفجر من جديد و حان وقت نومي
احتضنني بأسلوب فني على طريقته و أغمضت عينيّ أتخيّل رجلي المقبل
أأبى أن أذكرك
مع راقص التانغو
سمعت صوت سيّارته الفاخرة التي لم تغريني بقدر ما أغراني ما تحت تبّانه
تزامن توقّف المحرّك مع آخر زرّ أقفله من قميصي الأبيض
نظرت في المرأة أترصّد بعض الكيلوغرامات التي بدت ظاهرة منذ فترة على مستوى خصري
لم أضجر منها أبدا بل سعدت بها كثيرا فهي دليل على شفائي من سقامك
رنّ هاتفي يستحثّني على الإسراع بالخروج
و سمعت نافذة الجار الملاصق لي تنفتح و استعاذة زوجته يتطاير صداها مع نسيم سبتمبر
نزلت الدرج الهنيهة لا ضاحكة و لا بائسة
لا متشوّقة و لا باردة
بالكاد أتذكر ملامح هذا الشاب الذي في انتظاري
كان أول لقاء لي به معك
هو أحد معارفك و تعمّدت التعرّف عليه بعدك لا أدري لماذا
ماهية الأشياء ما عادت تعني لي الكثير
أثنى على جمالي بكلام روتيني مقيت
ابتسمت كما لو كان أوّل من يتغزّل بي بمثل هذه الكلمات السائدة
شغّل إحدى الأغنيات الاستهلاكية متخيّلا أنها تستجيب ضرورة لذوقي البسيط
و أعربت له عن إعجابي بالفنّان الذي أصابني صوته بالسّهاد
اصطحبني لعلبة ليليّة شبابية لم أكن يوما ما من روّادها
نزعت معطفي و استسلمت لأجواء جديدة
شربت" الفودكا" حتى امّحت صورتك من مخيّلتي ثمّ ... راقصته
تلاصق جسدانا على أنغام "التانغو" حتى بدينا للناظر كجسد هجين
أدار كفيه حول وركيّ حتى خلت أنهما سيتّخذان شكلا جديدا بعد حين
كلّما استدرت حول محور الذكريات في حركة رشيقة
دارت حولي وجوه رجالي في ثقل كبير تعدني بالتغلّب على ذكراك
كيف لا أنساك و قد راقصت جنيّا
تلاعب بجسدي بين يديه
كنت ككرات المهرّج يرميها و يسارع بالتقافها من جديد
تلاعب بغريزتي
تارة يحتكّ بي و طورا يبعدني
تارة يشتهيني و طورا يتمنّع
جنّنني ...
استيقظت على تمام الساعة الأولى بعد الزوال
فوجدتني مع ذلك الراقص البارع في فراش ليس بغريب
أذكر أني كنت يوما ما قد حجزت غرفة هنا مع رجل عجوز ربّما حدّثتك يوما عنه
تحسّست جسدي العاري و أحسست باكتفاء غريب
فقط المني رأسي بعض الشئ و أحسست بدوار صغير
اتجهت إلى الحمام أزيل رائحته في تكاسل
و اشتهيت رجلا آخر حتى لا أتعرّق رائحتك من جديد
تزامن توقّف المحرّك مع آخر زرّ أقفله من قميصي الأبيض
نظرت في المرأة أترصّد بعض الكيلوغرامات التي بدت ظاهرة منذ فترة على مستوى خصري
لم أضجر منها أبدا بل سعدت بها كثيرا فهي دليل على شفائي من سقامك
رنّ هاتفي يستحثّني على الإسراع بالخروج
و سمعت نافذة الجار الملاصق لي تنفتح و استعاذة زوجته يتطاير صداها مع نسيم سبتمبر
نزلت الدرج الهنيهة لا ضاحكة و لا بائسة
لا متشوّقة و لا باردة
بالكاد أتذكر ملامح هذا الشاب الذي في انتظاري
كان أول لقاء لي به معك
هو أحد معارفك و تعمّدت التعرّف عليه بعدك لا أدري لماذا
ماهية الأشياء ما عادت تعني لي الكثير
أثنى على جمالي بكلام روتيني مقيت
ابتسمت كما لو كان أوّل من يتغزّل بي بمثل هذه الكلمات السائدة
شغّل إحدى الأغنيات الاستهلاكية متخيّلا أنها تستجيب ضرورة لذوقي البسيط
و أعربت له عن إعجابي بالفنّان الذي أصابني صوته بالسّهاد
اصطحبني لعلبة ليليّة شبابية لم أكن يوما ما من روّادها
نزعت معطفي و استسلمت لأجواء جديدة
شربت" الفودكا" حتى امّحت صورتك من مخيّلتي ثمّ ... راقصته
تلاصق جسدانا على أنغام "التانغو" حتى بدينا للناظر كجسد هجين
أدار كفيه حول وركيّ حتى خلت أنهما سيتّخذان شكلا جديدا بعد حين
كلّما استدرت حول محور الذكريات في حركة رشيقة
دارت حولي وجوه رجالي في ثقل كبير تعدني بالتغلّب على ذكراك
كيف لا أنساك و قد راقصت جنيّا
تلاعب بجسدي بين يديه
كنت ككرات المهرّج يرميها و يسارع بالتقافها من جديد
تلاعب بغريزتي
تارة يحتكّ بي و طورا يبعدني
تارة يشتهيني و طورا يتمنّع
جنّنني ...
استيقظت على تمام الساعة الأولى بعد الزوال
فوجدتني مع ذلك الراقص البارع في فراش ليس بغريب
أذكر أني كنت يوما ما قد حجزت غرفة هنا مع رجل عجوز ربّما حدّثتك يوما عنه
تحسّست جسدي العاري و أحسست باكتفاء غريب
فقط المني رأسي بعض الشئ و أحسست بدوار صغير
اتجهت إلى الحمام أزيل رائحته في تكاسل
و اشتهيت رجلا آخر حتى لا أتعرّق رائحتك من جديد
رجل آخر و ليس بأخير
اليوم تمرّدت شهوتي على خيانتك
خانتك عواصفي
عواصف رغبتي لم تعد ترضخ لغيابك
غيابك ما عاد يرقصني على وقعك
وقع جسدي خاصره رجل آخر
آخر و لن يكون الأخير بعدك
بعدك أنت تزهدت في قفص الوفاء
الوفاء قيمة ما عادت تعنيني كما لم تعنيك يوما
يوم رحلت تاركا الذكريات تطوف حول بقايا صورك
صورتك و أنت تكوّر نهديّ كالطين المبلل هجرتها اليوم معه
معه قررّت أن أحبّ نفسي و أعشق شهوتي
شهوتي عادت بعد فراق
فارقت رائحة جسدك و استسلمت لجسد لا أعرفه
و أعرف أنني سأعطّر كلّ الرجال بعدك تاركة خلفي شعلة ثديي
ثديي ما عادا حكرا على رغبتك
رغبتي أضحت ملكي
ملكتني شهورا أو ربّما أكثر لم أعد أتذكّر
أذكر فقط أنّي اليوم ذوّبت رجلا لا يشبهك على تفاصيل جسمي
جسمك ما عاد يشعل داخلي الحرائق
أحرقت سيجارة بعد أن أحرقت رجلا بدمي
دمي كان فائرا و ما عادت تضنيه تلك القطرات الحمراء التي ذهبت معك
مع جسدي و رغبتي و علبة سجائري و خمري قصدت رجلا آخر ظمئ
سقيته من فمي بقايا لعابك و جرّبت معه كلّ ما علّمتني من ألعابك
لعبت معه كما لعبت معي ... خنت شرف اللعبة و قانونها و استعملت كلّ أفانين الغشّ
الغشّ أصبح من طبعي
طبيعة العلاقات و الأشياء تنسجها غرائزي
غريزتي أشبعتها مسام رجل آخر
آخر و ليس أخير و قد خنت الهوى اليوم
خانتك عواصفي
عواصف رغبتي لم تعد ترضخ لغيابك
غيابك ما عاد يرقصني على وقعك
وقع جسدي خاصره رجل آخر
آخر و لن يكون الأخير بعدك
بعدك أنت تزهدت في قفص الوفاء
الوفاء قيمة ما عادت تعنيني كما لم تعنيك يوما
يوم رحلت تاركا الذكريات تطوف حول بقايا صورك
صورتك و أنت تكوّر نهديّ كالطين المبلل هجرتها اليوم معه
معه قررّت أن أحبّ نفسي و أعشق شهوتي
شهوتي عادت بعد فراق
فارقت رائحة جسدك و استسلمت لجسد لا أعرفه
و أعرف أنني سأعطّر كلّ الرجال بعدك تاركة خلفي شعلة ثديي
ثديي ما عادا حكرا على رغبتك
رغبتي أضحت ملكي
ملكتني شهورا أو ربّما أكثر لم أعد أتذكّر
أذكر فقط أنّي اليوم ذوّبت رجلا لا يشبهك على تفاصيل جسمي
جسمك ما عاد يشعل داخلي الحرائق
أحرقت سيجارة بعد أن أحرقت رجلا بدمي
دمي كان فائرا و ما عادت تضنيه تلك القطرات الحمراء التي ذهبت معك
مع جسدي و رغبتي و علبة سجائري و خمري قصدت رجلا آخر ظمئ
سقيته من فمي بقايا لعابك و جرّبت معه كلّ ما علّمتني من ألعابك
لعبت معه كما لعبت معي ... خنت شرف اللعبة و قانونها و استعملت كلّ أفانين الغشّ
الغشّ أصبح من طبعي
طبيعة العلاقات و الأشياء تنسجها غرائزي
غريزتي أشبعتها مسام رجل آخر
آخر و ليس أخير و قد خنت الهوى اليوم
Inscription à :
Articles (Atom)